الاثنين، 26 ديسمبر 2016

لماذا أتيت ؟




جئت، لا أعلم من أين, ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!


أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنّني أدري ولكن...
لست أدري!

وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور
أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير
أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟
لست أدري!

ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين
أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين
وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟
لست أدري!

أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا
أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا
ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا
لست أدري... ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
موقع أدب
الشاعر إيليا ابو ماضي


كم ضللوني عن ذاتي الإنسانية

من نكد الدنيا على الإنسان المعاصر أن يحيا في ظل حضارة مادية بحتة جعلت منه مسخاً مشوهاً وسجنته في إطار حيواني ثلاثي :

منتج : كما تنتج الأبقار اللبن
مستهلك : كآكلات الرمم
مستمتع : أشد شبقاً وشراهة من كل حيوانات الأرض .

كم أهانوني ووصفوني بالأعاجيب ...

وصفني الفيلسوف افلاطون باني .. حيوان سياسي
وصفني الفيلسوف ارسطو بأني .. حيوان إجتماعي
وصفني الفيلسوف ماركس بأني .. حيوان إقتصادي
وصفني الفيلسوف سان سيمون باني .. حيوان مُصنع
وصفني فيلسوف العدمية ديفيد هيوم باني.. حيوان منحط .
وصفني فرويد باني .. حيوان شهواني .

كم مزقوني بين المتناقضات ...

يرى فيلسوف المادية جون لوك أن الإنسان لايتمتع بفطرة اخلاقية لكن المجتمع هو الذي يشكل له ضميره , وسار على دربه دور كايم إذ رأى ان الإنسان إناء يملأه المجتمع أي أن الأخلاق والضمير والدين نبت إجتماعي.

أنا ... ذات عاقلة
أنا .. ذات واعية
أنا .. ذات مدركة
أنا .. ذات فاهمة مفكرة
أنا .. ذات حُرة لها إرادة وقادرة على الإختيار

أنا ذات عاقلة:

يتميز الإنسان على غيره من الكائنات بالملكات العقلية التي جعلته يسود كوكب الأرض ويتطلع إلى الكواكب الأخرى في الوقت الذي أوشك أقرب الكائنات إليه جينياً وجسدياً – وهو الشمبانزي – على الإنقراض ولشدة تعقيد آليات العمليات العقلية الإنسانية فإن إضطرابها يؤدي إلى العديد من المشكلات التي تفوق خيال أشد المؤلفين القصصيين جموحاً .

وربما كانت (حرية الإرادة ) من أهم سمات ذواتنا العاقلة التي أثبتها العلم وحررنا بذلك من مفهومي الحتمية البيولوجية والحتمية التربوية اللذين يتخيلهما بعض البيولوجيين والتربويين , وأيضاً مفهومي الجبر والتسيير اللذين اوقعنا فيهما بعض الفلاسفة ورجال الدين .

أنا .. في العلوم الإنسانية

الحضارة المعاصرة جعلتني مسخاً مشوهاً
يتجاذب النفس الإنسانية نمطان من التوجه في الحياة , الأول هو ( نمط التملك ) المُهيمن على المجتمع الصناعي الحديث الذي يحقق الشعور بالذات من خلال القوة والتملك المادي ويقوم على الجشع والحسد والعدوان , أما الثاني
 ف( نمط الكينونة ) الذي يسعى لإثبات الذات من داخلنا ويقوم على الحب وسمو القيم الإنسانية فوق القيم المادية.

إن الفرق الجوهري بين الكينونة والتملك هو الفرق بين التوجه نحو الإنسان والتوجه نحو الأشياء .
إن الحاجة لإحداث تغيير جذري في وجدان الإنسان وقلبه وضميره لاتنبع من كونها مطلباً أخلاقياً ودينياً وحسب بل أصبحت لأول مرة في التاريخ شرطاً لبقاء الجنس البشري.

لقد آن الأوان لعمل دراسة لكُلفة التقدم الذي أصبح يهدد وجود الإنسان على هذا الكوكب بدلاً من ان يحقق له السعادة , لقد أصبح التقدم هدفاً في حد ذاته فكانت النتيجة إستنزاف موارد الطبيعة وتلويث البيئة والتلاعب بالجينات ومسخ الإنسان وتحميل جهازه العصبي فوق الطاقة .

لذلك ينبغي مقارنة عائد التقدم بتكاليفه وان ننظر للتقدم المادي في إطار مايُحدث من تخلف إنساني .

أنا .. في القرآن الكريم
ذاتٌ ذات خمسة روافد :

تنظر الديانات والفلسفات الدينية للإنسان نظرات مختلفة بين من يرى أنه جوهر واحد وهو الروح إذ الجسد إلى فناء , ومن يراه روح وجسد , ومن يراه روح ونفس وجسد .

والمتأمل في القرآن الكريم بعمق يرى الذات الإنسانية من خلال خماسية يؤكد عليها بالطرح المتكرر , فالإنسان في القرآن الكريم – جسد , وعقل , وقلب , ونفس , وروح .

كتاب أنا تتحدث عن نفسها
د – عمرو شريف


حقوق الإنسان في المعتقدات القديمة والمندثرة

حقوق الإنسان في الحضارة الرومانية
تباينت النظرة الرومانية إلى المساواة بين البشر وإعطائهم قدراً من الحرية والممارسات الديموقراطية في الحياة السياسية والإجتماعية وكانت بين مدٌ وجزر , ولكن كلما مر المجتمع الروماني بمحنة أو مخاض شديد إزدادت الحاجة فيه إلى تلمس الحقوق ورسم صياغتها تمهيداً لخروجها إلى أرض الواقع لذا فقد قام هذا المجتمع بمجهود كبير نحو الديموقراطية.

لقد عرف الرومان الحقوق والحريات من خلال ملكية الأرض الفردية والجماعية ولكنهم لم يكونوا ليعرفوا الحرية ولم يعطوها حقها إذ كانت الوثنية منتشرة حتى بعد إنتشار المسيحية في الإمبراطورية الرومانية.

ونظر الرومانيون إلى غيرهم من الشعوب نظرة أدنى من حيث الدرجة الإنسانية وان الحقوق لاتُعطى لمثلهم لأنهم وجدوا حتى يخدموا الشعب الروماني .

ومجتمع الرومان حرم المرأة من كل حقوقها بحيث أصبحت مجرد وعاء لإنجاب الأطفال والعناية بهم ولم يكن لها حق الإنتخاب أو تولي الوظائف العامة كما جُردت من الحقوق السياسية والمدنية , فهي منذ ولادتها تحت سيطرة رجل الأسرة – الأب أو الأخ الأكبر – المطلق الصلاحية على كافة حقوقها ومراحل حياتها .


حقوق الإنسان في المعتقدات والأديان الحية
التفاضل والطبقية في الحضارة الهندية

للهند غنى حضاري وموروث فكري واسع وتجليات أسطورية ودينية عديدة وفلسفات وعقائد عريقة جسدها لنا الفكر الهندوسي والفكر البوذي والفكر الجانتي .

عاش الهنود طوال تاريخهم ضمن مجتمع طبقي تفاضلي لم تعط فيه الحقوق حقها من الإنصاف والعدالة إذ حصرت جميع الإمتيازات لطبقة واحدة متسلطة متنفذة في مصالح الناس تسيرهم حسب مقتضيات مصالحها وبما يوفر لها الأمن والرخاء.

حقوق الإنسان في الحضارة الصينية
أضافت الحضارة الصينية للتراث الإنساني بعداً جديداً في مسار الحقوق الإنسانية تمثلت في نشر العدل والدعوة إلى الإخاء العالمي والأمن والسلام بين الناس 
وهذا ما تجسد في دعوة 
( كونفوشيوس ) الإصلاحية الذي حث اتباعه على الإلتزام بقواعد الأدب والمجاملة والحد من قوة الغرائز والشهوات وكبح جماحها .

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

تتمتع حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية بمنزلة خاصة وبضمانات لانظير لها في الشرائع الوضعية وذلك لتميزه في النظرة الشمولية للحقوق الإنسانية إنطلاقاً من كلمتي الله والإنسان , فالله هو الخالق الحاكم المدبر
 وقال تعالى  (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) ۚ

فلا معبود إلا الله ولاخضوع ولا إنقياد إلا له سبحانه وما عداه من البشر إما عباداً أو عبيداً ولايتفاضلون فيما بينهم ولا يتعالى أحدهم على الآخر .

المدخل إلى حقوق الإنسان في الإسلام

وتكاملت الصيغة النهائية لدستور حقوق الإنسان بنزول الدساتير الإلهية التي أولت تلك الحقوق إهتماماً عظيماً إنطلاقاً من مبدأ تكريم الإنسان – خليفة الله في الأرض – لإنسانيته الحقة التي لاتتكامل إلا بعد ان تحقق له الحقوق الموجبة لإنسانيته ولفطرته الإنسانية ولفطرته البشرية , فحقه في الحياة وفي حرية التفكير والتعبير من مصاديق الإكرام له , وطلب المساواة والسلام وعدم الإعتداء وحب الفضيلة وإزدراء كل ما من شانه التقليل من كرامته حق مشروع له مكفول بما شرعه الله تعالى له ويجب ان تكفله له أيضاً القوانين الوضعية .

كتاب حقوق الإنسان في الأديان
أ.د. سعدون محمود الساموك

عبد الرزاق رحيم صلال الموحي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق