السبت، 31 ديسمبر 2016

كيف تعلم الإنسان ؟



إختراع الكتابة
مصر
وأعظم ماقام به المصريون الأولون من جهود حضارية هو إختراع الكتابة وسواء 
اكانوا هم أول من إخترعها أم سبقهم في ذلك السوميون أو الصينيون فهذه مسألة موضع جدل ونظر ولكنهم على أية حال إخترعوها مستقلين عن غيرهم وينبغي
 ألا ننسى أن اختراعاً كهذا – بقع النظر عن موضع ظهوره – لايمكن تحديد زمنه باضبط , لأنه لايظهر دفعة واحدة ولا في زمن معين وإن ذلك الإختراع بدأ في مصر في عهد ماقبل التاريخ ويمكن ان يقال انه وصل إلى مرتبة من الكمال قبل نهاية ذلك العصر لأن أقدم كتابة وصلت إلينا ترجع إلى عصر الدولة القديمة .


ونستطيع ان نفترض ان المصريين بدأوا الكتابة بإستعمال صور للتدليل على أشياء أو أفكار لا كلمات . ثم أصبحت هذه الصور تدريجياً وبمضي الزمن مصطلحات مبسطة ومعقدة مربوطة في النهاية على كلمات منطوقة , وبذلك أصبحت كل صورة لاتمثل فكرة وحسب بل كلمة معينة من كلمات اللغة المصرية .

بلاد مابين النهرين:

ان السومريين ( أو أسلافاً لهم مجهولين ) لم يبدءوا تجاربهم في الكتابة بالرموز المسمارية بل بدءوا مثل الصينيين والمصريين بالعلامات المصورة التي لايزال بعضها محتفظاً بشكله الصوري , ثم استعملوا مايعرف بالعلامات المستقيمة المشتقة من الصور القديمة وكان هذا أمراً طبيعياً مادامت الكتابة باقية على أنها عمل نادر ومادامت العلامات تنقش مثلاً على سطوح حجرية , ثم أصبحت الكتابة أكثر استعمالاً وشيوعاً بين الناس فاقتضت الضرورة إيجاد مادة صالحة للكتابة .

 كما هو معروف وجد المصريون مادة صالحة تمام الصلاحية وهي البردى .
واستغل السومريون وجود مورد هائل من الطين في بلاد مابين النهرين السفلى فاخترعوا إستعمال ألواح الطين للكتابة , إذ وجدوا أنه من الممكن ان ينقشوا علامات نقشاً سريعاً على الطين اللين الطري بقلم من القصب وان هذه العلامات تثبت بجفاف هذا الطين وانها تبقى ظاهرة واضحة زمناً طويلاً غير محدد.

والخلاصة أن المصريين والسومريين اخترعوا الكتابة وارتقوا في إختراعهم وانتفعوا به وتوسعوا في إستعماله .

مرحلة غامضة بين عصرين
الواقع ان الفنينقيين لم يكونوا مبتكرين كما كان اليونان فيما بعد بل عاشوا أولاً تجاراً ووسطاء في التجارة العالمية , واتصفوا بالنشاط والذكاء والفضل في نمو الفنون في حوض البحر المتوسط ( وهو مهد حضارتنا ) يرجع في الأغلب إلى قيامهم بدور الوسيط .
أما اليد الكبرى التي أدوها إلى النوع الإنساني فهي إختراع حروف الكتابة وهي يد لا يمكن مهما قلنا ان نعد مبالغين في تعظيم شأنها , ونستطيع ان نقرر أنها أعظم ما انتجته جهودهم في باب الوساطة بينهم وبين غيرهم .

كتاب تاريخ العلم
المؤرخ جورج سارتون


من الجاهلية إلى الإسلام

في عصور الإنحطاط والظلام لم يكن للفكر الأوروبي تأثير واسع النطاق وكأنها كانت فترة إستراحة المحارب بالنسبة إلى الفكر البشري , وفي ذلك بالذات لم يكن للعرب قبل إتصالهم بالحضارة اليونانية فلسفة معينة ولم يكن الإسلام قد جاء بعد .

واقتصرت البيئة العربية البدوية على أفكار مستنيرة متناثرة عاش العرب في الجاهلية متنقلين حيث يجدون الماء والمرعى في ظل قبائل متفرقة , ولكن هذا لايعني تقصير ذلك الفكر وعجزه فعلى الرغم من الجاهلية وبداوة العيش فقد كانت تلك الحضارة تتمتع بنشاط واتصال وثيق مع حضارات العالم وبخاصة ان المنطقة قد شهدت اكتشافات متعددة .

لم تصلنا من الجاهلية مادة مكتوبة ولكن وصلنا عنهم تداول شفوي يُثبت أن أدبهم الوجداني امتاز بومضات فكر عميق كما انهم أتقنوا معرفة الفلك وكانت لديهم معارف طبية بدائية مُزجت بالأساطير.

 لكن التفكير العميق لو يبدأ إلا بعد الإسلام , إن الدعوة الإسلامية جعلت العرب يتأملون في الله وجوده وصفاته وفي خلود الروح وبعثها وكان مرجعهم الوحيد القرآن الكريم .

ولأن القرآن الكريم بيٌن ان الإسلام دين ودنيا فقد وسع المسلمون نطاق معارفهم .
يُعد ظهور الإسلام أهم حدث تاريخي وديني وفكري عرفته الجزيرة العربية بل أهم الأحداث التي عرفها التاريخ الإنساني .

وليس الإسلام ديناً وحسب بل هو دين وحضارة فكل ماظهر في العالم الإسلامي من آراء ومذاهب حمل طابع الإسلام  , ومن ثم فلا يمكن فهم الفلسفة الإسلامية إلا بعد فهم الإسلام .

دعا القرآن الكريم إلى التفكر والتأمل وحث على النظر في ظواهر الطبيعة وأحوال النفس وخفايا الوجود بنية التوصل إلى معرفة الله تعالى خالق الكون والإنسان وحرص على توجيه النظر العقلي حتى يحقق ثمرته , فنهى عن الميل إلى الهوى وإتباع الظنون والأوهام وحذر من الغرور والتكبر وما إلى ذلك من الأمور التي تؤدي إلى إنحراف الفكر .

كتاب صناع الحضارة
تاريخ الحضارة الإنسانية عبر أعلامها
د . محمد جمال طحان


عقول أوروبية رائدة

إن جميع الذين ترد أسماؤهم أدناه انخرطو في أعمال إبداعية وإبتكارية ويحتلون مكاناً في الذاكرة بفضل إسهاماتهم في العلم والإكتشاف في العصر الحديث , لقد سمت عبقريتهم على حالة عصرهم تماماً كما سما العمل الذي خلفه لنا هؤلاء العلماء وأدى إلى قفزة عظيمة في المعرفة والإختراع .

روجر بيكون Roger Bacon 1292-1214

هذا العالم من أكسفورد يعتبره الأوربيون مؤسس الأسلوب التجريبي في أوروبا وهوتلقى تدريبه من الطلبة المغاربة الإسبان كان يتكلم العربية ولم يتعب أبداً من قوله للناس * إن معرفة اللغة العربية والعلم العربي هي السبيل الوحيد للمعرفة الحقيقية *
يقتبس بيكون من إبن الهيثم أو يحيل إليه في كل خطوة في قسم البصريات من كتابه Opus Majus  .

وكان الكندي مصدراً آخر من المصادر التي أثرت على بيكون واستخدمت رسالتاه في البصريات الهندسية والفيزيولوجية من قبل الأوروبيين.

تايكو براهه Tycho Brahe  1601 -1546

تعزى أعمال فلكية عديدة ذات أثر إلى عالم الفلك الدنماركي الرائد تايكو براهه منها إنتاج الربعية وأحد المراصد الأوروبية الرائدة .
 أشتهر باكتشافه ( تغير القمر ) الذي اكتشفه أول مرة عالم الفلك المسلم محمد أبو الوفاء البوزجاني قبل حوالي ستمئة سنة .
وكانت الأدوات التي استعملها شبيهة جداً بتلك التي استعملها الفلكيون وكانت ربعيته الجدارية شبيهة بالربعيات التي طورت في الشرق الإسلامي خصوصاً تلك التي طورها الفلكي تقي الدين بن معروف الراصد .

كتاب ألف اختراع واختراع
التراث الإسلامي في عالمنا
المحرر المسؤول البروفيسور سليم الحسني


التعلم مدى الحياة

ليس هناك أمة من الأمم نظرت إلى العلم نظرة احترام وتقدير كما فعلت أمة الإسلام في أيام حضارتها الزاهية  فهو عندها من أعظم القربات إلى الله تعالى ويصل التعلم في أحيان كثيرة إلى درجة الواجب الشرعي وهو في كل حين واجب حضاري .

وقد جدت في عصرنا عوامل واسباب كثيرة جعلت الإستمرار في التعلم وتثقيف الذات بكل وسيلة أمراً لاخيار فيه لدى الأشخاص وكذلك الأمم التي ترفض ان تعيش على هامش الحياة , ولعلنا نذكر من تلك الأسباب مايلي :

1- إننا بحاجة إلى التعلم المستمر والمعتمد على الجهود الشخصية لأن أمة الإسلام تعاني من ثلاثة أنواع من الأمية
أمية القراءة والكتابة , وأمية الجهل بالمصير , وأمية المثقفين .

وعلى صعيد الأول فإن متوسط الأمية في العالم الإسلامي يزيد على 45% وتذكر بعض الإحصاءات ان الأميين من العرب ( من بلغ سن 15 سنة فاكثر ) بلغوا 55 مليوناً , بنسبة قدرها 59,5%  أي مايوازي 8/6 من مجموع الأميين في العالم  والعدد المطلق للأميين مع مايبذل من جهد لمحو الأمية في تزايد مستمر , ونعتقد
 أن الأزمة الإقتصادية المستفحلة في كثير من البلدان الإسلامية ستدفع أعداداً كبيرة من الآباء إلى سحب أبنائهم من المدارس في وقت مبكر من أجل مساعدتهم على إعالة أسرهم , ولم لا , وهم يرون البطالة تجتاح قطاع خريجي الجامعات والثانويات أكثر من أي قطاع آخر ؟

2- عصرنا هذا عصر التغيرات الحادة والمشكلات الكبرى المحيرة وللعلم – بمعناه الأشمل – الأثر الأكبر في حدوث هذه التغيرات ونقل العالم من حال إلى حال أخرى .
ومن المألوف انه كلما حدثت تحديات كبيرة فإن العلم يطلق الإستجابات المناسبة لمواجهتها والتغلب عليها .

إن التعلم مدى الحياة هو الذي سيساعد كل واحد منا على ان يعيد تأهيل نفسه وتحسين مستواه ليرتفع إلى المستوى المطلوب لإستيعاب المستجدات السريعة بل قيادتها والتحكم فيها .

كتاب حول التربية والتعليم
أ .د. عبد الكريم بكار


العولمة والهوية والإنتماء

1- القضايا والتوجهات
تُعد الهوية والإنتماء في أساس تكوين الشخصية بل هما يشكلان نواتهما ونقطة الإرتكاز في مرجعيتها ولابد لكل إنسان أو كيان اجتماعي مهما صغر حجمه او كبر من إطار مرجعي يوجه سلوكاته وخياراته ويتيح تحديد مواقفه من مختلف الأوضاع والقضايا بل أكثر من ذلك يشكل نظرته إلى الذات والكون وهنا يدخل البعد الثقافي في هذه المرجعية .

العولمة والشباب والعلاقات الأسرية

لم تكن الحكمة القائلة بأن ( أولادكم ليسوا لكم اولادكم هم أبناء الحياة وأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم ) أكثر صدقاً في أي وقت مضى مما هي عليه الآن ومستقبلاً , مع تسارع التحولات الكونية التي لم تترك منحى من مناحي الحياة إلا وكان له  نصيب منها , ويصدق هذا أكثر مايصدق على الشباب في شرطهم الإنساني العام كما في الأدوار والعلاقات الأسرية معهم , فالشباب هم الفئة الأكثر انخراطاً في تسارع التحولات الكونية هذه , ذلك ان العولمة في مختلف أبعادها الإقتصادية والإعلامية والثقافية والإجتماعية تستهدفهم بالأساس وأكثر من ذلك فهم يُشكلون رأسمالها البشري الرئيس.

فالعولمة هي حضارة الشباب في المقام الأول بدءاً من استهلاك منتجاتها والانخراط في توجهاتها وإنتهاءً بقيادة عملياتها وأنشطتها, والعولمة ترتكز على حماسة الشباب وحيويتهم وإقدامهم ومغامراتهم وتوجههم نحو آفاق المستقبل ذات الإنفتاح المتزايد , فخبرة الكبار وحكمة الشيوخ رغم ماتحظى به من احترام ومراعاة لم تعد المرجع الرئيسي , وليس من المبالغة في شيء القول إن المرجعيات تكاد تنقلب في العديد من مناحي الحياة وانشطتها لصالح الشباب وممارستهم وقدراتهم ومستوى معارفهم .

ولأن هناك حالة جديدة تشكل قطيعة مع ما ألف الكبار وما نشأوا عليه ومايشكل نمط وجودهم ونظرتهم إليه وممارساتهم ومهاراتهم وأدواتهم فلابد أن ينعكس ذلك كله على العلاقات الأسرية كما هو ملاحظ من قبل أي عين بصيرة .
وهذا مايحتاج إلى وقفة متفحصة متبصرة عنده مما يشكل موضوع هذا البحث , ماهي العلاقات والتفاعلات والأدوار المنمية والمتفتحة على المستقبل والموفرة لأخذ النصيب من فرصة والمزودة لجيل الشباب بوسائل الحصانة النفسية والسلوكية والإنمائية في الأسرة ومعها بقية المؤسسات المجتمعية المؤطرة لحياتهم ؟
تلك قضية حيوية ومصيرية ينبغي التفكر بشانها في مايتجاوز ردات الفعل او الإستسلام للإستسهال في المواقف والتصرفات إنها تمثل في تقديرنا إحدى أبرز قضايا التنشئة المستقبلية المطروحة .

مهام الأسرة في بناء الإقتدار المستقبلي
الكفاءة الإجتماعية  - التواصلية

إنها تلك القدرة على إدارة الحياة الإجتماعية بمختلف صعدها ( في المدرسة والعمل والمؤسسات المدنية ) بحيث يكتسب الفرد القبول والتقدير ويحتل عضوية الجماعات الأساسية بشكل يتصف بالمكانة الجيدة كحد أدنى ووصولاً إلى إحتلال أدوار قيادية فاعلة في عمليات النشاط الإجتماعي.

 إن هذه الكفاءة التي بدأت أدبيات الصحة النفسية تركز عليها الأنظار باعتبارها من مقومات التدامج الأساسي في المجتمع تتضمن الحساسية لمشاعر الآخرين وتفهم عالمهم الذاتي وخبراتهم الوجدانية والوجودية والتعاطف معهم وتبادل المساندة والرعاية , كما تتضمن القدرة على إدارة العلاقات والتفاعلات مع الأخرين مما يعزز شبكة العلاقات ويعلٌي المكانة ويقوي مشاعر الإلتزام , وهي تغطي في مقام ثالث التكيف النشط بدءاً من القدرة على التصرف الملائم والتوافق مع مايجب التمسك به وصولاً على مقاومة وتغيير مايتعين تغييره بأساليب بناءة .

كتاب علم النفس والعولمة
رؤى مستقبلة في التربية والتنمية
د . مصطفى حجازي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق