الأحد، 13 نوفمبر 2016

صور من الواقع 2


العقول المهاجرة



  كيف نفهم الواقع
الإمتثال للنظم والقوانين :

أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب ليوضح للناس المنهج الذي ينبغي ان يسيروا عليه والقواعد التي يجب أن يلتزموا بها في تعاملهم مع خالقهم وفيما بينهم وجعل العدل وصون الدماء والأموال والأعراض وتكافؤ الفرص من الأمور الجوهرية التي لايصح المساس بها  ولو نظرنا في دساتير الدول والنظم المدونة لديها فسنجد انها في الجملة منطقية ومعقولة ويمكن شرحها والدفاع عنها من وجهة نظر كثير من الناس , إذن لماذا نشاهد شعوباً تغلب على حياتها ومعاملاتها الإستقامة والنزاهة وشعوباً ينهش الفساد في كل جوانب حياتها ؟


المشكلة لاتكمن في عدم صلاحية القوانين ولكن في عدم تطبيقها والتحايل عليها أو تطبيقها على أُناس دون أُناس بشكل إنتقائي .

حين يشعر الناس بأن حقوقهم مصونة وأن قضاءهم عادل ونزيه ويشعرون أن الفرص أمامهم متكافئة تترعرع فيهم مشاعر الإنتماء للوطن والإنتماء للبلد , وليست الوطنية في الحقيقة سوى الشعور بشرف الإنتماء للوطن والمكان. أما حين ينتشر الفساد فإن الأوطان تفقد قدرتها على جذب مشاعر المواطنين إليها , أي إن الشعب يفقد آنذاك الناظم الشعوري الموحد , وتلاحظ حينئذ بروز الطائفية والقبلية والعائلية بوصفها محاور صغيرة تستقطب كل أولئك الذين فقدو القواسم العظمى التي تُشكل الأرضية العامة لمشاعرهم ومصالحهم .

يشعر الناس في حال سيادة القانون بشعورين عظيمين ومهمين هما :
الشعور بالتفاؤل والشعور بالكرامة.

الشعور بالتفاؤل مصدره إحساس الناس بأن بلدهم يسير في الطريق الصحيح
وشعورهم بوجود فرص للعمل وآفاق للنمو والإزدهار, وذلك بسبب قوة النشاط الإستثماري .
أما الشعور بالكرامة فهو الشعور الذي يبحث عنه الناس فطرياً ودون الحاجة إلى أي تحريض من أحد ومن أعظم الدلالات عليه ندرة المديح الكاذب وإضمحلال الثناء بلا رقيب ولاحسيب , أما في حالات الفساد فإن إختلاق الفضائل والحديث عن الإنجازات الوهمية يصبح باباً من أبواب الإرتزاق لكثير من الناس .

العيش على هامش الحياة مصدر للتحلل الذاتي

أوجدنا الخالق عز وجل على هذه الأرض لنعمل ونأخذ ونعطي ونؤثر ونتأثر وجعل إستقامة معاشنا وحياتنا كلها رهناً بذلك ومن ثم فإن تعطيل هذه الفعاليات يُخل بتوازننا العام ويؤثر سلبياً في كل شيء لدينا.
العيش على هامش العصر يعني :

إنحراف خلقي وسلوكي يجعل المرء صغيراً في عين نفسه وفي عين الجهات التي يمكن ان يعمل لديها .
التشبع بمفاهيم متخلفة تحجب عقله عن رؤية الواقع وينتج عنها بالتالي التخبط  في التعامل معه .
جهل مطبق أو درجة متدنية من التعلم .

كتاب تكوين المفكر
أ.د. عبد الكريم بكار


العلاقات الإنسانية في الدين الإسلامي

تميزت العلاقات الإنسانية في الإسلام عن غيرها من العلاقات التي قامت وتقوم في المجتمعات غير الإسلامية وذلك لأنها تنبع من عقيدة آمن بها أفراد ذلك المجتمع المسلم وهي وحدة المنشأ لبني البشر
وفي هذا يقول محمد هريدي (1410ھ) (وحتى نتمكن من التعرف على العلاقات الإنسانية السليمة والتي يجب ان تنشأ بين الأفراد في المجتمع  الواحد لابد ان يعرف كل فرد من أفراد هذا المجتمع أصل خلقه وأنه يشترك مع جميع البشر في أصل هذه النشأة وبهذا فهم أخوة من أصل واحد ومتى عرف هذا للجميع فإنهم سيعترفون بمبدأ المساواة فلا يكون هناك فضل ولا فرق بين فرد وآخر).

ولكن عندما أُغفلت هذه الحقيقة في وحدة المنشأ وسادت العنصرية وانقسم الناس على طبقات سادة وعبيد مما بث روح  الفرقة بين أفراد المجتمع الواحد واستمر الوضع هكذا إلى ان جاء الإسلام وأخذ يرشد  الناس على طريق الخير وبعث لهم رسول منهم

والتوازن في العلاقات الإسلامية يعني ألا يميل الفرد تجاه الآخرين على نحو يجعله خاضعاًلهم كما أنه لايجعله بعيداً عنهم ونافراً منهم , بمعنى أن التوازن الذي يضمنه الإسلام في العلاقات الإنسانية والإجتماعية يجعل الفرد يقترب من الناس ولكنه لايذوب فيهم ولايكون إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا أسأت.
 
كما أنه يضمن للفرد إستقلاليته وشخصيته المتميزة عن الآخرين ولكنه ليس الإستقلال الذي يبعده عن الناس ويعزله عنهم فهو منهم وهم منه إنطلاقاً من أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .
فالمحك الإسلامي للسلوك السوي قائم على فكرة العلاقات الإنسانية والإجتماعية  المتوازنة بين الأطراف والأقطاب .

كتاب مهارات الإتصال والتفاعل والعلاقات الإنسانية
د. اماني عبد الفتاح علي 


الامراض الاجتماعية
الثروة الإجتماعية

 لايقاس غنى المجتمع بكمية مايملك من ( أشياء) بل بمقدار مافيه من أفكار.

ولقد يحدث ان تلم بالمجتمع ظروف أليمة كأن يحدث فيضان أو تقع حرب فتمحو منه 
( عالم الأشياء) محواً كاملاً أو تفقده إلى حين ميزة السيطرة عليه فإذا حدث في الوقت ذاته أن فقد المجتمع السيطرة على ( عالم الأفكار) كان الخراب ماحقاً , أما إذا إستطاع أن ينقذ
( أفكاره ) فإنه يكون قد أنقذ كل شيء إذ انه يستطيع أن يعيد بناء
 ( عالم الأشياء)

فإذا كانت ثروة مجتمع معين يتوقف تقديرها على كمية أفكاره من ناحية فإنها مرتبطة بأهمية شبكة علاقاته من ناحية أخرى.

والحد المثالي للتطور الإجتماعي الذي يمكن أن يبلغه مجتمع ما متوقف على الحالة التي يحقق فيها هذا المجتمع أفضل الظروف النفسية الزمنية لأداء نشاطه المشترك.

ويبلغ المجتمع الحد النهائي في تطوره عندما يفقد بالتدريج خاصة الإنسجام فيتفرق أفراده ذرات ويصبح في نهاية تحلله عاجزاً تماماً عن أداء نشاطه المشترك
المرض الإجتماعي
في حالة الصحة يكون تناول المشكلات من أجل علاجها هي أما في الحالة المرضية فإن تناولها يصبح فرصة لتورم ( الذات ) وإنتفاشها وحينئذ يكون حلها مستحيلاً
 لا لفقر في الأفكار أو  في الأشياء ولكن لأن شبكة العلاقات لم تعد أمورها تجري على طبيعتها .


وفي هذه المرحلة أيضاً لايهتم أحد بالمشكلات الواقعية كما كان يفعل أئمة  الفقه  الإسلامي  بل يكون  الإهتمام منصباً على مشكلات خيالية.على ماكان عليه فقهاء 
( عصر الإنحطاط ) حيث لم يعودوا  يكبون على  المشكلات  التي يثيرها نمو المجتمع
بل على حالات ( خيالية محضة )  كالبحث في جنس الملائكة أو  كالتوضوء من  وطء  البهيمة.



فالعلاقات الفاسدة في (عالم الأشخاص ) لها نتائجها السريعة في ( عالم الأفكار) 
وفي ( عالم الأشياء) والسقوط الإجتماعي الذي  يُصيب ( عالم الأشخاص ) يمتد لامحالة إلى الأفكار وإلى الأشياء في صورة إفتقار وفاقة , فهناك أفكار رأت النور في المجتمع الإسلامي 
في القرن الرابع عشر الميلادي كفكرة الدورة الدموية ومع ذلك ظلت غائبة عن عالم الأفكار لأن شبكة علاقاته قد تمزقت .


كتاب ميلاد مجتمع
للمفكر مالك بن نبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق