المقدمة
وإذا ماكانت الحضارات توصف
بما تقدمه للشعوب والعالم وعلى تواتر وتقادم الأيام والسنين فمن الممكن القول ودون
ان نجانب الحقيقة في قولنا بأن الحضارة الإسلامية كانت حضارة إقرأ أو حضارة الكتاب
والعلم فمع ان كافة الحضارات السابقة قامت على العلم وكان عنوان تطورها وإزدهارها
إلا ان الحضارة الإسلامية تنفرد دون سائر الحضارات السابقة بتطوير العلوم وصناعة
الكتب.
ومقولة إقرأ التي نزلت
إبتداءً على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي دعوة إلى العلم وان الدين دعا إلى
العلم قبل ان يدعو لأي شيء في الإسلام يبدأ من العلم ويتأسس عليه وكل دعوة إلى
العلم هي دعوة للإبتكار والتجديد والتطوير كما ان مقولة إقرا هي إقرار بنفي الجهل
بكافة صوره وأشكاله.
كان ولاشك للترجمة الأثر
البارز في تطور وتقدم العلوم كافة , اللغة والدين والفلسفة والعلوم الأخرى هذا
فضلاً عن الأثر الكبير الذي أوجدته في آليات التفكير الديني والعلمي كما أغتنت
اللغة العربية بالمفردات الجديدة التي أًستعين بها للدلالة على معانِ كانت غير
معروفة قبل تطور آليات الترجمة وإزدهارها وقد إستحدث المترجمون العديد من الألفاظ
إما عن طريق توسيع باب الإشتقاق أو بإعطاء الألفاظ القديمة معاني جديدة أو من خلال
تحريف الألفاظ الأجنبية من مختلف اللغات وجعلها مقاربة للفظ العربي .
ولم يتوقف أثر الترجمة عند
زيادة كمية المعارف بل تجاوز ذلك إلى إحداث تبديل جذري في تفكير المسلمين فبفضل
الأعمال المترجمة تفتحت الآفاق الجديدة أمامهم وأصبحت نظرتهم لبعض المفاهيم
الغامضة كالوجود والإنسان والمصير تأخذ أبعاداً معرفية وفكرية جديدة.
كتاب موسوعة علماء العرب
الكاتب عبد السلام السيد
ترجمة
المعرفة
إن مايذهل بشأن المختصين
بالعلوم والعلماء المسلمين وإختراعاتهم وأبحاثهم وكتاباتهم في أثناء مايسمى
بالعصور الوسطى الأوروبية هو تعطشهم الذي لايرتوي على المعرفة وفي معظم الحالات لم
يكن حصولهم على المعرفة من أجل المعرفة فقط بل كان من أجل تطبيقها عملياً ولغرض
تحسين الحياة في المجتمعات التي يعيشون فيها.
كان التاثير الديني واضحاً
في سلوكهم ولاغرابة في ذلك لأن القرآن يزخر بأيات من مثل (الذين آمنوا وعملو
الصالحات) فعدوا العمل الصالح هو كل عمل يُحسن الحياة وفي السنة النبوية الشريفة
أحاديث تحث على العلم والعمل كقول النبي صلى الله عليه وسلم * إذا مات إبن آدم
انقطع عنه عمله غلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له * .
أبدى هؤلاء العلماء
الموسوعيون نشاطاً مذهلاً إذ ارتفع معدل مكتشفاتهم إلى نسب لاتصدق فكانوا يسجلونها
فيملؤون بها مجلدات ضخمة بآلاف الصفحات التي تحتوي على معلومات جديدة وقد أدت هذه
المجلدات على إنشاء مكتبات واسعة , والعصر الذهبي الممتد من القرن السابع إلى
القرن الثالث عشر أنقذ العلوم القديمة من الإنفراط بل عدلها وأضاف غليها مكتشفات
جديدة ونشر المعرفة بصورة كبيرة وثرية .
أنجز المجتمع الإسلامي
القديم بما لديه من حب عميق للطبيعة والحياة الفطرية توازناً بيئياً وإقتصادياً
ناجحاً معتدلاً في عملياته قائماً على المعرفة المكتسبة من تقاليد حضارات عديدة
وأعرافها وكان هذا السلوك أكثر ذكاء من مجرد تراكم تقنيات إذ مثٌل نجاحاً بيئياً
دائماً أثبت مسار التاريخ البشري نجاعته ( لوسي بولينز مؤلفة كتاب استعمال النباتات في الأصباغ
واللباس).
من الصعب المبالغة في تأكيد
أهمية عمل الجزري في تاريخ الهندسة إنه يقدم ثروة من التعليمات المتعلقة بتصميم
الآلات وتصنيعها وتجميعها ( دونالد ر. هيل مهندس
بريطاني ومؤرخ مرموق للتكنولوجيا الإسلامية)
تتطلب ولادة علم فك الشيفرة
وتحليلها مجتمعاً وصل إلى مستوى عالِ من التطور في علوم ثلاثة هي : اللسانيات
والإحصاء والرياضيات , لقد توافرت هذه الشروط في زمن الكندي الذي كان يتقن هذه
العلوم الثلاثة فضلاً عن غيرها . ( د. سيمون سينغ كتاب
الرموز 1999).
كتاب ألف إختراع وإختراع
التراث الإسلامي في
عالمنا
المحرر المسؤول
البروفيسور سليم الحسني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق